رواية عديم الظل : رحلة ملحمية في ظل الخيانة و الولاء

ان كتابة الروايات الملحمية ليس بالامر السهل , حيث تتميز الرواية ذات الطابع الملحمي بكثرة عدد الشخصيات سواء الرئيسية او الثانوية الامر الذي يضاعف الاحداث و يعقد تداخلها , و ايضا تمضي معظم احداث الروايات الملحمية في عدة ازمان و هذا ما يجعلها صعبة على الكاتب في كتابتها و صعبة على القارئ هو الاخر في قراءتها و استنباط غاية الكاتب منها.

في هذه المقالة سأسلط الضوء على رواية ملحمية كُتبت باسلوب جديد , اسلوب يأخذ القارئ تارة الى الماضي و تارة يعود فيه الى الحاضر , و في كل انتقالة في الزمان تتكشف للقارئ مزيدا من الدلالات و الحقائق لتستكمل الصورة التي يرسمها في مخيلته اثناء قراءته لسطور الرواية. و اضافة الى الاسلوب الانتقالي في الزمن , تميزت هذه الرواية الملحمية بانها الجزء الثاني من رواية اخرى لكنها كُتبت قبل جزءها الاول.

غلاف رواية عديم الظل : ثأر مملكة فولاسة

رواية عديم الظل , هو العنوان الرئيسي للرواية الملحمية , اما عنوانها الثانوي فهو ثأر مملكة فولاسة , للكاتب حيدر رياض هاشم الديواني. من عنوان الرواية الرئيسي يستطيع القارئ ان يستدل على الشخصية الرئيسية في الرواية (عديم الظل) , ومن العنوان الثانوي المكان الذي تجري فيه احداث الرواية (مملكة فولاسة) , حيث قام الكاتب بخلق مملكة خيالية في عصور الماضي , مملكة اسماها فولاسة كانت تعيش في حالة استقرار و عدل في ظل ملكها ثير , لكن ايادي الغدر طالت صدره بسيف ليس من سيوف فولاسة بل كان سيفا من سيوف قبائل الباكي , الامر الذي اشعل الفتنة و ازال المحبة بين مملكة فولاسة و قبائل الباكي.

تبدأ الرواية في فصلها الاول عندما يطأ جيش فولاسة ارض الباكيين بقيادة الملك ثيودو (ابن الملك المغدور ثير) , و يحاصر حصن الملك سيمو (ملك قبائل الباكي) بعد ان اطاح جيش فولاسة بممالك ابناء عم الملك سيمو الثلاث.

واثناء قراءة فصول الرواية , ستتقافز مخيلة القارئ مع كلمات الكاتب تارة الى الماضي وتارة عودة الى الحاضر , ومع كل قفزة الى الماضي سيحصل القارئ على قطعة ذات اهمية تمكنه من فهم الرواية شيئا فشيئا حتى يبلغنهاية الرواية التي كان ختامها موفقا و كاملا و منصفا للرواية كما كان منصفا لشراهة القارئ ايضا.

ستجد في الرواية كثير من الشخصيات بعضها يحمل منصبا قياديا و بعضها يحمل نسبا مشرفا , حيث استطاع الكاتب تشغيل الشخصيات كافة بشكل فعّال و جعل تفاعلهم مع بعضهم البعض انسيابي , و قام بتقوية جوانب الرواية و اغلاق الثغرات فيها بشكل ذكي , و جعل الكاتب من الانتقالات الزمنية في الرواية مصدرا غنيا بالمعلومات ليقدم اجابات شافية للاسئلة التي يخوضها القارئ اثناء القراءة.

بماذا تتميز رواية عديم الظل عن غيرها من الروايات الملحمية

الميزة الاولى للرواية هي ان الانتقالات الزمنية في سطور الرواية كانت مدروسة و مرسومة بإمعان , حيث قام الكاتب حيدر الديواني باختيار الوقت و الزمان الصحيحين لنقلة القارئ الى زمن آخر ليس ببعيد عن الزمن الذي كان فيه , ثم فجأة يعود بالقارئ الى حيث كان , فيعود القارئ لاستكمال سير الاحداث لكن بمعرفة اضافية و التي تزيد من فهمه للرواية و تزيد شغفه في مواصلة قراءة الرواية.

الميزة الثانية للرواية يكمن في قدرة الكاتب على ادارة العدد الكبير من الشخصيات وتنظيم تفاعلهم بشكل جميل و رائع , حيث استطاع منح كل شخصية حقها في هذا العمل الملحمي الملهم و سهّل ظهورهم للقارئ كي يتدارك و يعي القارئ اهميتهم و يستطيع عقله هضم وجودهم في الرواية.

الميزة الثالثة للرواية ان الكاتب نجح في جعل بطل الرواية (ماروس) بشراً , فمع امتلاك ماروس للقوة و القدرة و الاستطاعة التي تجعل منه محاربا خارقا الا ان اسلوب الكاتب في تخفيف و اطفاء المبالغة جعلت بطل الرواية انسانا قبل كل شيء , الامر الذي خفف وطأة الخيال عن الرواية و قرب مكانتها الى الواقع.

الميزة الرابعة لا يمكن رؤية هذه الميزة الا بعد قراءة رواية " الملك ثير : مُنصف الالهه " وهي الجزء الاول لرواية عديم الظل , الجزء الذي قام الكاتب حيدر الديواني بكتابته بعد كتابة رواية عديم الظل الا ان احداثه تقبع قبل احداث رواية عديم الظل. بمعنى آخر, ان تسلسل احداث السلسلة يبدأ من رواية الملك ثير و ينتهي بنهاية رواية عديم الظل , الا ان الكاتب كتب رواية عديم الظل قبل ان يكتب رواية الملك ثير.

ختاما , ان كنت من محبي الروايات الملحمية و الاساطير الحربية فعليك بقراءة رواية عديم الظل : ثأر مملكة فولاسة , الرواية متوفرة في موقع هوست ايرس بشكل مجاني و موقع جوجل بوك و موقع كندل امازون بشكل غير مجاني.