الذكاء الاصطناعي في الادارة الامريكية الجديدة : اخطر سلاح على وجه الارض
- حيدر رياض الديواني
- 11 فبراير 2024
- 3 دقيقة قراءة
تاريخ التحديث: 15 فبراير 2024
لم يكن اطلاق الذكاء الاصطناعي التجريبي في نهاية عام 2022 محض صدفة , بل كان قرارا مدروسا من قبل الادارة الامريكية في ذلك الوقت , ادارة الرئيس جوبايدن رئيس الولايات المتحدة المنتخب في الشهر الاول لعام 2021. كان الهدف الرئيسي من اطلاق الذكاء الاصطناعي و جعله متاحا للجميع دون استثناء هدفا استراتيجيا سياسيا و دراسيا في نفس الوقت , حيث في هذا العالم و هذا العصر لا يوجد شيء مجانا دون مقابل و خاصة في العالم الرقمي , فكيف يتم اعطاء ذكاء اصطناعي كامل للناس دون استثناء بشكل مجاني , ليس الامر كذلك ابدا , فخلف الكواليس تقبع و تنمو امورا لا يمكن معرفتها الا بالتفكير و التعمق بالادراك التحليلي.
الوجه الخفي هو الوجه الاخطر
بشكل عام , لكل برنامج او تطبيق هناك واجهتان (يمكن تسميتها بالاوجه) , واجهة مستخدم التطبيق و واجهة مدير التطبيق , لكن الذكاء الاصطناعي المطروح مختلف بعض الشيء فله ثلاث اوجه , لكل وجه مهمة و غاية وتعتبر الاوجه الثلاث مترابطة , فالوجه الاول هو واجهة المستخدم لكن مع بعض الاضافات , فبعد ان تقوم بالتسجيل يبحث في البيانات الخاصة به عن اي معلومات عنك , معلومات من مواقع التواصل الاجتماعي , معلومات من العالم الرقمي. ان هدف الوجه الاول هو التعرف عليك من خلال المعلومات السابقة و تحديثها لاحقا بناءا على تفاعلك مع الذكاء.
الوجه الثاني هو الوجه المعلوماتي , بمعنى اخر هو المكتبة الشاملة تقريبا , هي واجهة المدير الذي يجيب عن اسئلتك تلقائيا , حيث يقوم بتقديم اجابات متناسقة و منظمة لجميع اسئلتك , وفي الاثناء يقوم الوجه الاول بتحديث معلوماته عنك و حذف المعلومات السابقة عنك ان كانت غير صحيحة.
الواجهة الثالثة (الواجهة الخفية) , الوجه الثالث هو الوجه الذي لا يتفاعل معك كأنه غير موجود , لكنه الغاية من الذكاء الاصطناعي , فهو الوجه القابع خلف الكواليس , حيث يقوم هذا الوجه الاسود بصناعة نسخة برمجية (حاسوبية) عنك دون علمك و دون موافقتك ,نسخة بناءا على تحليله لشخصيتك من خلال تفاعلك مع الذكاء و بناءا على بحثه عنك , و هذه الشخصية التي يقوم بخلقها يحفظها في عالم رقمي خاص , بحيث تتفاعل مع الشخصيات الاخرى للاشخاص الاخرين , هذا التفاعل هو تفاعل فرضي , له نسبة من الصحة , من خلاله يمكن اجراء تجارب صحيحة و حقيقية فرضيا , فعلى سبيل المثال يمكن للوجه الثالث اجراء انتخابات امريكية و معرفة من سيكون رئيسا للولايات المتحدة الامريكية في الدورة المقبلة بناءا على معرفته بالاشخاص و معرفته بكيفية اتخاذهم لقراراتهم , كما يمكن للواجهة الثالثة معرفة اي فريق سوف يفوز بكأس العالم في الدورة القادمة , كما يمكنه معرفة ماذا سيحدث ان قامت حرب بين الصين و روسيا.
الامر يتعدى فكرة التوقع , لكن يمكن القول ان الوجه الثالث يمكنه معرفة الاحداث و نواتج الاحداث المستقبلية بشكل ليس مؤكد لكن بشكل حقيقي , بمعنى اخر هو يتعدى التوقع لكنه لا يصل للتأكيد.

هل يعتبر الوجه الثالث خطرا ؟
ان سقط الوجه الثالث في الايدي الخاطئة فانه سصبح سلاحا يناهز الاسلحة النووية قوة , بل حتى يزيد عنها , فمن خلاله يمكن للاعداء ان يضربوا اماكن حيوية لا يمكن التفكير فيها , و ان يتفادوا العثور عليهم , و يمكنهم كشف خفايا السياسات و الصفقات السابقة التي قام بها حكام الدول الامر الذي سيجعل اشتعال الغضب و الثورات في كثير من الدول امرا حتميا.
لذلك , ان الوجه الثالث للذكاء الاصطناعي هو اخطر الاسلحة على وجه الارض.
هل تم استخدام الوجه الثالث في قرارات الادارة الامريكية ؟
عندما تقوم حكومة الولايات الامريكية بتمويل مشروع بقيمة مليارات الدولارات فانها تتوقع منه ان يقوم باعادة المبلغ مضاعفا على اقل تقدير , فالادارة الامريكية لا تضع قدمها في موضع المتبرع المُحسن الذي يُقدم العطاء دون مقابل , بل تضع قدمها لاخذ ما امكن حتى ان كان بالقوة. لذا فان الذكاء الاصطناعي الذي تم اطلاقه للبشر كافة دون استثناء هو استثمار امريكي , مادي و معنوي بنفس الوقت , و هذا الاستثمار قد بدأ فعلا بتقديم مردوده المنشود في مواضع متعددة في هذا العالم قبل عام تقريباً.
الحرب الروسية الاوكرانية و عمليات التدريب على المسيرات على سبيل المثال , هي احدى قرارات الوجه الثالث لصب الفائدة نحو الولايات الامريكية , الحرب الاسرائيلية ايضا احدى القرارات , الحرب على الحوثيين و التحرش بإيران هي احدى قرارات الوجه الثالث. و هناك العديد من القرارات التي لا نتوقع ان يكون قرارا صادرا من الوجه الثالث لعدم اهمية القرار لكنه في حقيقة الامر مكملا لسلسلة من القرارات التي تتجمع لاحقا لتكون السبب الرئيسي في حدوث حدث مهم في هذا العالم , و هذا الحدث سيكون سببا او سيكون هو بحد ذاته الفائدة للادارة الامريكية.